كيف يمكن التخلص من وسواس النظافة
هوس النظافة، أو وسواس النظافة، مرض يؤرق الكثيرين ممن يصابون به، وقد لا يدركون خطورة الاصابة به ويعتبرونه أمراً اعتيادي. فما هو العلاج الأمثل له.
تطلقون عليه لقب ” المهوس بالنظافة” حين تجدونه يغسل يديه مرتين كل خمس دقائق، أو يهرع الى المغسلة بعد كل مصافحة يد، وتراه في العمل يمضي أغلب وقته في البحث عن الغبار وتنظيفه بالمناديل المبللة، وكأن الكون من حوله يحتاج للتنظيف حينها.
وهذا ما يشعر به وما تشعرون به أنتم. نعم أنه “وسواس النظافة”. فالنظافة المبالغ بها حسب ما أكده الباحثون، يمكن أن تهدد وظائف جهاز المناعة لدى الإنسان، وتسبب أنواعاً مختلفة من أمراض الحساسية. فما هي أسباب حدوث مرض وسواس النظافة؟
يختلف كل منا في تحديد مفهومه للنظافة، ولكن كلنا نتفق أن النظافة هي نصف الصحة، ولا يسمح بالمقابل المبالغة فيها، لوصولها لدرجة الهوس أو الوسواس، إذ ينتج مرض النظافة عن عدة عوامل حسب ما ذكر الأطباء:
1- القلق الصحي:
هو قلق يخيم على ذهن المريض، بأن البكتيريا موجودة في كل مكان ويجب تنظيفها، وهذا ما يقلق صحة المريض ومن حوله، وهو على ذلك مستمر مراراً وتكراراً في التنظيف للتخلص من البكتيريا.
2- وسواس الترتيب:
أصحاب هذا الوسواس دائما ما يقولون ” بقعة تلوث، تشوه الكمال”، وهذا الأمر لا يمكنهم تحمله فتراهم يكثرون من التنظيف بما يحقق الكمال، وتجدونهم يرتبون أغراضهم بشكل مثالي ” غير طبيعي” سواء في العمل أو المنزل .
3- الوسواس القهري
اضطراب الوسواس القهري (Obsessive compulsive disorder) هو نوع من الاضطرابات المرتبطة بالقلق (Anxiety)، تتميز بافكار ومخاوف غير منطقية (وسواسية) تؤدي الى تصرفات قهرية واضطرابات فكرية، مما تسبب للشخص تكرار العمل الذي قام به مرة أخرى مثل: غسل اليدين خوفاً من عدوى الجراثيم، وتكرار هذا العمل ممكن أن يؤدي الى احداث جروح وندوب جلدية.
الاشخاص المصابون بإضطراب الوسواس القهري، يكونون أحيانا واعين لحقيقة، أن تصرفاتهم الوسواسية، تصرفات غير منطقية، ويحاولون تجاهلها أو تغييرها. لكن هذه المحاولات تزيد من القلق أكثر. وفي المحصلة، فإن التصرفات القهرية هي بالنسبة إليهم إلزامية للتخفيف من القلق.
هل يمكن إيقاف الوسواس عند المريض؟
اذا طلبنا من المريض التوقف عن هذه الممارسات الغير منطقية والمبالغ فيها، حينها ستتفاقم حالة القلق لديه بشكل كبير، لانه سيشغل نفسه بالتنظيف.
علينا أن ندرك بأن وسواس النظافة هو بالأصل أحد أعراض مشكلة عميقة. فإذا أجبرنا المريض على التوقف عن ممارسة ما يمارسه بشكل معتاد حينها ستتفاقم حالة القلق لديه، و ندرك أن هذه الطريقة ليست الأنسب لحل المشكلة وبذلك قد خلقنا مشكلة أكبر.
وفي طبيعة الحال، وكما أشار الأطباء فإن جسم الإنسان يصاحبه العقل، دائما ما يحاولان الحفاظ على توازن الجسم، والأداء السليم له حتى في حالات مرض وسواس النظافة.
وبالتالي الأعراض الجسدية أو النفسية التي تظهر على المريض نتيجة التجربة، أي إجباره على التوقف عن ممارسة الأفعال المبالغ فيها، هي في الواقع تأتي بهدف التخفيف عنه، حتى لو كانت هذه التجربة المتبعة بحقه تبدو لنا من الخارج أنها مصدر لمشكلة أكبر.
ونأخذ على سبيل المثال، الأشخاص ” المنغلقون عن العالم”، أي الذين يبتعدون عن إنشاء علاقات إجتماعية مع الأفراد ويتجنبون المناسبات والنشاطات الإجتماعية. للوهلة الأولى نعتقد بأن هذه الفئة تعاني من مشكلة ويجب تغير نمط تعاملهم مع المجتمع، وإقناعهم بمفهوم” الإنفتاح”.
ولكن بعد التأني قليلاً نجد أن هؤلاء الأشخاص، حساسون جداً ومن السهولة جرح مشاعرهم حتى من التصرفات، أو الكلمات أو المصطلحات الموجهة لهم والتي يعتبرها البعض عادية وغير مهمة. فهي تترك أثراً لديهم.
وفي بعض الحالات نرى أن ” الإنغلاق” يستخدم كأداة دفاعية، وقد نكون قادرين على إجبارهم على أن يكونوا إجتماعين أكثر (وخاصة إذا كانوا لا يزالون أطفال، أوممن يسهل الضغط عليهم )، ولكن النصر حينها قد يكون حليفنا مؤقتاً، فقد يصبحون أكثر انفتاحاً من ذي قبل، وبالمقابل يصبحون أكثر حساسية، وربما يكون الضرر أكثر من الفائدة في هذه الحالة.
العلاج المثلي لايقاف الوسواس
في الحالات الخفيفة لمرض وسواس النظافة كما ذكرنا سابقاً، يمكن التخفيف على مريض الوسواس من خلال محاولة التحدث معه عن ضرورة ايقاف هذا المرض، واللجوء للفطام التدريجي، أو اشغال المريض بشيء معين لتهدئته وابعاده عن أجواء القلق.
و في الحالات الأكثر شدة، الطريقة السابقة لا تجدي نفعاً، وبذلك نلجأ الى العلاج المثلي.
وعبر العلاج المثلي، يتم الغوص في أعماق المشكلة وأسباب حدوثها، وتبيان تاريخها الطبي، وإجراء الفحوصات اللازمة لمريض الوسواس ان ظهرت عليه الأعراض، حتى لو تبين لنا للوهلة الأولى ان هذه الاعراض غير مرتبطة أساساً بالمرض.
وبناءاً على هذا فإن العلاج المثلي، هو العلاج المناسب، والذي يمكن أن يساعد مرضى وسواس النظافة.
وقد أثبتت الدراسات الطبية فعالية العلاج المثالي، عبر تطبيقه على إحدى السيدات اللواتي أصابهن الوسواس، ولمدة استمرت عدة أشهر، حيث لاحظ الأطباء حدوث تحسن تدريجي لحالة المريضة وبعد شهرين من خضوعها للعلاج.
إذ نجحت المريضة بتقليل ساعات التنظيف مرتين في الأسبوع، بعد أن كانت مصابة بهوس التنظيف الدائم ولساعات مطولة، ومع إستمراها في تلقي العلاج المثلي، طرأ عليها تحسن واضح بجانب عوامل أخرى، كانت سبباً في الحفاظ على العلاقة الزوجية داخل المنزل.